[frame="7 80"][align=center]الفــن الإســـــــلامي[/align]

تمتاز منطقة الحضارة العربية التي تمتد من المحيط إلى الخليج بأن لدى شعوبها فلسفة روحية خاصة تختلف عن فلسفة الاغريق والرومان وتنعكس على فنونهم فتطبعها بطابع خاص مميز .

فلما افلح المسلمون في توحيد هذه المنطقة وتخليصها من الاستعمار الساساني والروماني أحست هذه الأقاليم أول مرة في تاريخها الطويل بأنها تكون وحدة حضارية متكاملة ، وأصبحت هذه الحضارة التي تبلورت في ظل الإسلام تسمى حضارية متكاملة . وظلت مزدهرة ت تشع بنورها في العالم وتنير ظلماته إلى أن حاول الصليبيون القضاء عليها أيام صلاح الدين فالاتراك في القرن السادس عشر.

إن للشرق فلسفته الخاصة التي تنظر إلى الأسنان على انه جزء من هذا الكون الواسع ، وهي تختلف تماما عن النظرة الغربية التي تنظر إليه على إنه محور هذا الوجود فكان الفنان الشرقي ينظر غالبا إلى الإنسان والحيوان والنبات كعناصر فنية يحورها ويتسقها بحيث تعبر عن أفكار وأحاسيسه وتحقق الغرض الفني الذي يقصده دون النظر إلى أشكالها الطبيعية ، وال أمثلة التي تؤكد هذا كثيرة في فنون العراق وسوريا ومصر مما يستطيع أن يميزه بسهولة ويسر .
[/frame]



[frame="7 80"][align=center]شخصية الفن الإسلامي[/align]

كانت أول مظاهر الشخصية الإسلامية تأكيد الفلسفة الشرقية من أن الإنسان جزء من هذا الكون الواسع وأن القدرة الإلهية المسيطرة على هذا الوجد .وتبلورت شخصية الفن الإسلامي وإرادته الجديدة في ظواهر هامة تمت بطريقة تلقائية داخل إطار الفلسفة الشرقية العامة .

1- كراهية تمثيل الكائنات الحية :
ويرجع ذلك إلى الرغبة في البعد عن المظاهر الوثنية فقد جاء الإسلام ليقضي على الوثنية ممثلة في عبادة الأشخاص والأصنام على إن هذه الكراهية أخذت تتلاشى بالتدرج مع زيادة الوعي بحقائق العقيدة الإسلامية وظهرت الرسوم الجدارية على كثير من الأعمال الفنية كالتحف المختلفة وفي الرسوم الجدارية على انه مما يلفت النظر زخارف المصاحف والمساجد إنها ظلت خالية من العناصر الآدمية والحيوانية .
2- التقشف :
دعت العقيدة الإسلامية إلى البعد عن مظاهر الترف فاتجهت جهود المسلمين إلى البناء والعمل والبعد عن الفخامة باعتبار كل ذلك عرضا زائلا فاستعمل الفنانون العرب خامات رخيصة كالجص والخشب والصلصال في أعمالهم الفنية ولكنهم استطاعوا إغناءها بما اضفوه عليها من زخارف دقيقة رائعة ومن ابتكارات صناعية أعطت الخامة الرخيصة مظهرا فخما جديدا مما يمكن أن يعبر عنه بالخامة المبدلة ، أي تحويل الخامات الرخيصة إلى عمل فني عظيم القيمة .
وكان في استطاعة بعض الخلفاء أن يعملوا الذهب والفضة والأحجار الكريمة في تزيين أهم مكان بالمسجد والقبلة ولكنهم استعاضوا عن ذلك بالتصميمات الزخرفية والنقوش التي جعلت من المحراب قبلة رائعة تنسجم مع ما للإسلام من روعة وبساطة .

3-الاهتمام بزخرفة السطوح وشغل الفراغ
اهتم الفنان العربي اهتماما كبيرا بزخرفة سطوح الأشياء سواء كان ذلك في العمائر أم الأواني أم التماثيل بحيث كان لا يترك فراغا من غير زخرفة .
فكان عندما يبتكر إناء أو تحفة حتى ولو كانت على شكل حيوان أو طائر يغطي سطحها بالزخارف التي كانت تسلبها مظهرها الطبيعي سلبا معنويا ، بينما كانت تكسبها سحرا ورشاقة لا نظير لها .
[/frame]

[frame="7 80"][align=center]العناصر الزخرفية الإسلامية[/align]
اعتمد الفنان العربي في تجميل منتجاته الفنية وزخرفتها على العناصر الخطية والنباتية والهندسية والأشكال الآدمية والحيوانية عن طريق حساسيته الفطرية ..وحقق في هذه الأعمال الرشاقة والاتزان .

1- الزخرفة الخطية
ادخل الفنان العربي الحروف العربية كعنصر رئيسي من عناصر الزخرفة ولا شك أن استعمال الكتابة في أول الأمر على المنتجات الفنية كان وسيلة من وسائل الحمد والشكر لله ، على إن الفنان استغل هذا العنصر استغلالا جماليا رائعا ويلاحظ أن استعمال الآيات القرآنية لتزيين المساجد يقابله استعمال الصور المستمدة من آيات الإنجيل وحياة السيد المسيح في تزيين الكنائس.
واصبح من مسؤولية الفنان العربي العناية بالخط وتطويعه للاستعمال الجمالي فظهرت ألوان مختلفة من الخطوط منها الخط الكوفي وهو خط يمتاز بزواياه القائمة وخطوطه المستقيمة ثم أضيف إلى نهايته زخارف نباتية وأصبح يسمى الخط النسخى وهو خط لين استعمل في أول الأمر في كتابة المخطوطات ثم عن استعماله في المباني ابتداء من القرن الثاني عشر الميلادي كما استعمل في زخارف التحف المختلفة كالحشوات وبلاطات القيشاني والنسيج .


2- الزخارف النباتية
يعتبر ميدان الزخارف النباتية من الميادين الهامة التي جال فيها الفنان العربي حيث ابتكر أشكالا نباتية مختلفة خرج بها على الأشكال الطبيعية كعادته المألوفة في التجريد والبعد عن الطبيعة .وهاك نوع من الزخارف النباتية يطلق عليها ( الأرابسك ) يتكون من خطوط منحنية مستديرة أو مختلفة يتصل بعضها ببعض فتكون أشكالا حدودها منحنية ، وقد يتكون بينها فروع وزهور ، وبالرغم من بعد هذه الزخارف عن الطبيعة فإننا لا ستطيع أن نعتبرها زخارف هندسية وقد شاع استعمال هذه الضرب من الزخارف أبتدأ من لقرن التاسع الميلادي في العمائر والتحف وقد وصلت إلى غايتها في القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلادي
وقد انتشر ضرب آخر من الزخارف النباتية يتكون من سيقان نباتية وزهور ووريقات وكان غيران اكبر البلاد اهتماما بهذا النوع من الزخرفة ثم انتقل هذا النوع من الزخرفة بعد ذلك إلى مصر وسوريا في عصر المماليك .


3- الزخارف الهندسية
تعتبر الزخارف الهندسية عنصرا أساسيا من عناصر الزخرفة الإسلامية ومنذ العصر الأموي اتجه الفنان العربي إلى الزخارف الهندسية واستعملها استعمالا ابتكاريا لم يظهر في حضارة من الحضارات وثم شاع استعمال الزخارف الهندسية في العمائر والمخطوطات والتحف المختلفة سواء من الجص أو الخزف ام النسيج أم المعادن أم الرخام إلى آخره وكان الأساس الذي أتي عليه الفنان العربي وزخارفه الهندسية هو الأشكال البسيطة كالمستقيمات والمربعات والمثلثات والدوائر المتماسة والمقاطعة والأشكال السداسية والثمانية والأشكال المتفرعة من كل ذلك .
والزخارف الهندسية تنقل للرائي إحساس بالسكون كما يبدو فيها في بعض الاحيان إحساس بالحركة نتيجة في استعمال الخامات المختلفة الألوان وتبادل الظل والنور على الأجزاء الغائرة والبارزة في الزخارف .


4- الأشكال الآدمية والحيوانية
قلنا إن الفنان العربي لم يهتم بالتعبير عن الأشكال الآدمية والحيوانية تعبيرا مقصودا به ذات الإنسان والحيوان ولكنه استخدم هذه العناصر كوحدات زخرفية بحتة لها قيمتها الفنية وهو لم يكلف بذلك بل يحول له إن يركب منها أشكالا خرافية كالأفراس والطيور ذات الوجه الآدمي .
ومما هو جدير بالذكر إن الفنان العربي استخدم في زخارفه مزيجا رائعا من الزخارف الخطية والزخارف المختلفة والزخارف الهندسية والزخارف النباتية ونجح نجاحا فائقا في تجميع هذه العناصر المختلفة في أعماله الفنية بحيث حقق قيمة فائقة الحد من الجمال كما حقق تنوعا في القيم الخطية وما تحدثه هذه الزخارف من ظلال مما ينبغي للطالب التعرف عليه بالممارسة والرؤية الموازنة بفنون الحضارات الأخرى .
[/frame]



[frame="7 80"][align=center]التصـويـــــــر :[/align]
يختلف التصوير الإسلامي عن التصوير المعاصر الذي يتميز بخصائص واضحة من حيث الخامات واستعمالها وطريقة الأداء والموضوعات ... ويتحقق في فن التصوير الإسلامي مثالية الفن الإسلامي كاملة فالصور ذات ألوان مضيئة والأشكال الآدمية والحيوانية مرسومة من غير تجسيد والأشجار والجبال والمنازل وما إلى ذلك منسقة ومبسطة من حيث الشكل العام وتزخر بالزخارف النباتية والهندسية وهذا الأسلوب بكسب الصورة الأناقة والجمال والخيال الساحر الذي لا نظير له ولفن التصوير الإسلامي مجالات كثيرة منها :

1- التصوير الجداري
تزخر كتب المؤرخين بأحاديث عن الصور الجدارية التي كانت تزين القصور والحمامات في جميع العصور الإسلامية على إن الأمثلة الموجودة الآن للتصوير الجداري الإسلامي قليلة بالنسبة للصور الجدارية التي تجدها في الفنون الأوروبية .
وفي جميع الصور الجدارية الإسلامية نجد أن الفنان لم يراع دقة تمثيل المظهر الطبيعية وهي لهذه الأسباب تعبير صورا زخرفية أكثر منها توضيحية بموازنة هذه الصور بالصور الحائطية ( الفرسك ) التي نفذت في أوروبا في عصر النهضة نشر بفارق الأسلوبين ففي عصر النهضة كان الفنان يهتم بالمظهر الطبيعية للأشكال بحيث تبدو وكأنها انتزعت من الطبيعة انتزاعا . ومن أمثلة الصور الجدارية الإسلامية ما عثر علية في قصر عمر في بادية الشام ( العصر الأموي ) وفي فصر الخير الغربي الذي بناه هشام بن عبدالملك وفي قصر الجوسق الخاقاني بسامرا وفي الحمامات الفاطمية بالقاهرة وكانت هذه الصور تعبر عن موضوعات مختلفة تناولت الأشكال الآدمية في تكوينات زخرفية بديعة .


2- صور الفسيفساء
عثر في المسجد الأموي بدمشق على مجموعة من صور الفسيفساء تمثل المناظر الطبيعية لمدينة دمشق فالأشجار والمباني ونهر بردى منفذة بأسلوب زخرفي بسيط وألوانه ساطعة وقد لوحظ أن هذه خالية من الأشكال الآدمية والحيوانية بينما نجح الفنان في توزيع كتل المباني بأحجامها المختلفة بحيث وصل إلى تحقيق التوازن الفني في الصور .

اقتصر فن التصوير أول الأمر على رسوم زخرفية منها مناظر آدمية وحيوانية رسمت بالألوان على جدران بعض قصور الخلفاء والأمراء مثلما يرى في إطلال قصور قصير عمرو والطوبة وسامراء ونيسابور والحمام الفاطمي بالفسطاط غير أن التصوير في الفنون الإسلامية اكتشف مجاله الحقيقي في تصوير المخطوطات منذ القرن الثالث الهجري – التاسع الميلادي – ومن اقدم المخطوطات المصورة مخطوطة في علم الطب محفوظة بدار الكتب المصرية بالقاهرة وأخرى لكتاب مقامات الحريري ومحفوظة بالمكتبة الأهلية في باريس وهما مزدانتان بالرسوم والصور وتمت كتابتها وتصويرها في بغداد سنة 619 – 1222- وقد لقيت رواجا كبيرا كذلك في ذلك القرن المخطوطات المصورة في بغداد لكتاب – كليلة ودمنة - .
غير أن إيران هي التي تولت قيادة فن التصوير الإسلامي كانت بدايته فيها في العصر السلجوقي ونهض نهضة كبيرة في عصر المغول في أواخر القرن السابع حتى منتصف القرن الثامن – الثالث عشر والرابع عشر الميلادي – وكان أشهر المخطوطات المصورة هي جامع التواريخ الذي ألفه الوزير رشيد الدين في أوائل القرن السابع الهجري وبخاصة الشاهنامة والتي نظمها الفردوسي قبل ذلك بثلاثة قرون والتي أودعتها تاريخ ملوك فارس وأساطير إيران .
وكن الأسلوب الفني في صور هذه المخطوطات المغولية متأثرا إلى حد كبير بالأسلوب الصيني سواء من حيث واقعية المناظر أو استطالة رسوم الأجسام أو اقتضاب الألوان .
وأخذ فن التصوير الإيراني الأصيل يستقر ويزدهر وينال شهرة عالمية في العصر التيموري وبخاصة في القرن التاسع الهجري – الخامس عشر الميلادي - وقد ظهرت في ذلك العصر نخبة من كبار الفنانين الذين اختصوا بتصوير المخطوطات مثل خليل وأمير شاهي وأكثرهم شهرة الفنان بهزاد التي تعد أعماله من أعظم تحف التصوير الإيراني روعة وإبداعا ، وقد تبقت منها مجموعات هامة منها مخطوطة للمنظومات الخمس المحفوظة بالمتحف البريطاني وأخرى لكتاب البستان بدار الكتب المصرية ولا يقل العصر الصفوي في القرن التالي أهمية عن العصر التيموري وظهر فيه عدد من كبار المصورين كانوا من تلامذة بهزاد مثل الشيخ راده وخواجه عبدالعزيز وأفاميرك وسلطان محمد ومير نقاش وترك بهزاد وتلامذته هؤلاء صورا رائعة في مخطوطات تزهي المتاحف العالية بالاحتفاظ بها وبخاصة مخطوطات المنظومات الخمس للشاعر نظامي والبستان وجلستان للشاعر سعدي بالإضافة إلى مخطوطات الشاهنامة وكليلة ودمنة .
وأول ما يمتاز به التصوير الإيراني أنه يصوغ منتظره في مجموعات زخرفية كاملة تبدو الأشكال فيها كأنها عناصر تنبت من وحدة زخرفية وتتجمع حولها أو تمتد وتتفرع ولم يمنع هذا الاتجاه الزخرفي من حرص المصورين على ملاحظة الطبيعة ومحاولاتهم محاكاتها والتعبير في أعمالهم من مظاهر الجمال والحركة فيها كانت ملاحظة الطبيعة ومحاولاتهم محاكاتها والتعبير في أعمالهم من مظاهر الجمال والحركة فيها كانت الطبيعة هي التي تأخذ بمشاعر المصور بسمائها ونجومها وأقمارها وبما تحتويه من جبال وأودية أخرى وأشجار وأزهار وبما أنتجته من رجال ونساء وأطفال وطيور وحيوان . هذا من جهة ومن جهة أخرى كانت العلاقة قوية بين الشعر والتصوير وكان التصوير نوعا من الموسيقى والمصور أشبه بالملحن لكتاب الشاعر ، يضع الشعر المكتوب في أشكال محسوسة ويطبع التفكير والخيال بنوع من الحقيقة والحركات المنوعة
ويعتبر التصوير الإيراني في ألوانه عن هذه الروح الموسيقية وتلك الحساسية الشاعرية فإن الألوان تمتزج في صوره امتزاجا عجيبا بين الزهاء والهدوء وتنسجم انسجام الألحان في المقطوعة الموسيقية بحيث تختلف الألوان في الصورة الواحدة وتتعدد كما تختلف فيها درجات اللون الواحد التي تنبثق من صفاء السماء وتنعكس من أشعة الشمس الذهبية الصافية وهكذا عبر التصوير الإيراني الشاعرية والعاطفة وحاول إن يسجل ما في الطبيعة من حقائق جذابة وما في القلوب من الخيال من نغمات دفينة أخاذة .


[/frame]



[frame="7 80"][align=center]الخط العربي[/align]

أول مظهر من مظاهر الفن والجمال التي عنى به الأعراب بعد إسلامهم كان في تجميل الخط العربي وتجويد آيات القرآن الكريم كتابة ، مثلما عنوا بتجويدها قراءة وترتيلا وكان هذا الدافع الديني هو العامل الرئيسي الذي جعل للخط العربي مكان الصدارة في الفنون الإسلامية بعد العمارة وسما به في عالم الزخرفة إلى مرتبة لم يحض بها منقب الخط العربي الزخرفي في أي لغة أخرى من اللغات أو أي فن آخر من الفنون .

كانت الحروف العربية منبعجة مفرطحة متباينة الأشكال بعيدة كله عن المظهر الزخرفي ولكن رجال الفن الإسلامي استطاعوا إن يخوضوا هذه الحروف لحساسيتهم الفنية وغريزتهم بالتطويل تارة وبالحشو تارة أخرى أو بالتبسيط والانتقاء والتسلسل حتى أخرجوا منها صورا جميلة المنظر وأكسبوها وضوحا في المعنى وفي التسطير أودعوها سرا يحمل الناظر إليها على الخشوع والإعجاب وجعلوا منها علامة التعريف بوحدة الفنون الإسلامية .

وكان الأسلوب الغالب في القرن الأول الهجري السابع الميلادي معروفا بالخط الكوفي نسبه إلى مدينة الكوفة بالعراق ومعظم حروفه مستقيمة تلتقي بزوايا حادة واستخدم هذا الخط خاصة في كتابة المصاحف وأقدم نموذج معروف منها نسخة من القرآن الكريم محفوظة بدار الكتب المصرية يرجع تاريخها إلى منتصف القرن الثاني الهجري – الثامن الميلادي – وأخذت الكتابة في العصور التالية تحلى بالزخارف من أشكال الأوراق النباتية المرسومة باللون الذهبي وتنوعت الأساليب منذ القرن الخامس الهجري – الحادي عشر الميلادي – حين بدا الخط النسخي يحتل مكان الصدارة في الكتابة .



وأتبع الإيرانيون أول الأمر أسلوب الخط الكوفي ثم ادخلوا عليه طابعا خاصا بهم يمتاز بالمد والتطويل كما أدخلوا فيها بعد على الخط النسخي منذ القرن السابع الهجري – الثالث عشر الميلادي – تطويرا أطال الأطراف المستديرة وزادها انحناء وأدى هذا التطوير إلى ابتكار الأسلوب المعروف بالخط الفارسي وهو الذي انتشر منذ القرن التاسع الهجري الخامس عشر الميلادي والذي اشتهر فيه خطاطون ذاع صيتهم مثل مير علي التبريزي وسلطان على المشهدي .

كان مجال الخط العربي واسعا في المصاحف والكتب ولكنه ارتبط منذ نشأته بالعمارة ومنها اشتق في زخرفة الفنون التطبيقية على مختلف أنواعها وكان الخط الكوفي من أهم العناصر الزخرفية في العمارة بل إن من المباني ما اقتصرت زخرفته على الأفاريز الكتابية التي كانت تضفي روحا من الهدوء والسلاسة والجمال ثم تطور الخط العربي وظهرت فيه أساليب مختلفة كان الخط المزهر أكثرها أهمية وأوسعا انتشارا .

وظهرا هذا التطور الزخرفي في وقت واحد تقريبا في آثار جميع البلاد الإسلامية من كرمان وردكان في إيران إلى القيروان وقرطبة في بلاد المغرب والأندلس وكان له مكانة هامة على الأخص في القاهرة في العصر الفاطمي وبخاصة في محراب مسجد الأزهر سنة 361هـ 972م ومئذنتي مسجد الحاكم بأمر الله سنة 393هـ 1003م وفي هذه الآثار وغيرها تظهر الكتابة على درجة فائقة من الرشاقة والإبداع والجمال .

واستمر الخط العربي في تطوره الفني حتى تنوعت أساليبه وأنواعه تنوعا لا حصر لأشكالها وأعدادها ولم يقف هذا التطور عند حد في مختلف العصور إلى وقتنا هذا .
[/frame]



[frame="7 80"][align=center]الخــــــزف[/align]

للخزف في الفنون الإسلامية مكانة ممتازة وقد اتبع رجال الخزف المسلمون في أول الأمر الأساليب التي كانت متبعة من قبل ولكنهم سرعان ما ألموا بأسرار الصنعة وحذقوها وأخذوا يبتكرون أساليب جديدة

ولعل بداية اهتمامهم كانت بصناعة الفخار وإذا كانت آثارها الأولى قد اندثرت فإن ما تبقى من القرن الثالث ( العاشر الميلادي ) وللقرون التالية من شابيك القلل يد على عناية فائقة بصناعتها وحرص على تجميلها وتنسيقها بالرغم من كثرة تداولها ورخص أثمانها إذ أن مظهرها شبيه بتطريز النسيج نقشت المجموعات الزخرفية عليها برسوم مخرمة مفرغة منوعة فيها الزخارف الهندسية المتشابكة والزخارف المقتبسة من الأزهار والثمار والنباتات وفيها أشكال محفورة للطيور والحيوانات . وكانت صناعة الخزف أكثر رواجا ورقيا اشتهرت بها مصر منذ العصر الطولوني وبخاصة في العصر الفاطمي إذ بلغ فين الخزف درجة عالية من الإتقان وامتازت بالخزف ذي البريق المعدني الذي كان يشكل أولا من الطينة وتحرق فتظهر حمراء كالفخار ثم تكسى ببطانة من عجينه بيضاء وبعد أن تجف ترسم عليها الأشكال الزخرفية بمواد معدنية مختلفة الألوان وتطهى مرة ثانية فتخرج براقة لماعة وامتازت أواني الخزف فوق بريقها برقة جدارها ودقة زخارفها بأشكال الطيور والحيوان والإنسان القائمة على أرضية من الزخارف النباتية .

وظهر كذلك في العصر الفاطمي نوع ثان من الخزف نقشت رسومه تحت طلاء من لون واحد هو اللون الأخضر أو الفيروزي وقد اشتهر هذا النوع بصفة خاصة في العصر الأيوبي وفي عصر المماليك في مصر وسوريا وكانت الزخارف نفسها ترسم باللونين الأسود والأزرق وقد تخلفت من تلك العصور قطع فنية رائعة وإن كان معظمها أجزاء من أوان مكسورة .

وبالرغم من أن الخزاف كان يصنع في مصر وسوريا وبلاد المغرب والأندلس كانت منتجاته تثير الإعجاب فإن شهرة بلاد إيران والعراق في صناعة الخزف فاقت شهرة غيرها من مراكز صناعة الخزف إذ بدأت منذ القرن الثاني الهجري ( الثامن الميلادي ) حيث كان صنع الفخار المدهون ذو الزخارف المخروزة أو المرسومة تحت طبقة شفافة والخزف ذو الزخارف المحفورة والمطلية أو لمرسومة بالألوان تحت طبقة من الطلاء الشفاف وقد عثر على أوان مختلفة الأشكال والألوان من هذه الأنواع في سمرقند ونيسابور كما عثر في سمراء والمدائن من العراق وفي سوس والري من إيران على أوان أخرى من الخزف المحلى بزخارف من البريق المعدني شبيهة بخزف البريق المعدني الذي عثر عليه في مصر ولكنها تمتاز عنها بأساليب ورسومها ويعد هذا النوع من الخزف العراقي أكثر أنواع الخزف ذي البريق المعدني بجهة وإبداعا سواء من حيث ألوانه أو رسوم زخارفه أو أشكال أوانيه وكذلك كانت تصنع في لعراق وإيران في القرنين الثالث والرابع الهجري ( التاسع والعاشر الميلادي ) أوان جميلة من الخزف المطلي بالميناء الفضي والذي نقشت الزخارف فوقه باللونين الأزرق والأخضر .

ويعد العصر السلجوقي في القرنين التاليين عصر الازدهار لفنون الخزف في إيران وقد ابتكرت في ذلك العصر أكثر أنواع الخزف الإسلامي رقة وروعة وإتقان صنعة وتفرقت مراكز صناعته في معظم أرجاء إيران وبخاصة في الري وسلطان اباد ونيسابور وقاشان وتعددت أنواع الخزف وأساليب طلائه وتنوعت ألوانه وزخارفه من محزوزة ومحفورة وبارزة ومخرمة ومجسمة ومنقوشة فوق الطلاء أو تحته واستخدم الخزف في صناعة شتى الاواني من أكواب وأقداح وكؤوس وقنان وأباريق وسلطانيات وصحون ومباخر ومشاعل ، واختلفت أشكالها وامتازت بمظاهر الجمال وإبداع الزخارف وكانت بعض الأواني على درجة كبيرة من الرقة حتى كانت شفافيتها ظاهرة واختلفت الألوان من أبيض إلى ازرق زهري إلى فيروزي إلى اصفر أو اخضر إلى اسود تحت طلاء أزرق أو شفاف أما الزخارف فمنها التفريعات النباتية ومنها الأخص رسوم الطيور والحيوانات والأشكال الآدمية والكتابات الكوفية المتشابكة مع الخزف أنواع مشهورة مثل خزف - لقبى - الذي كان يصنع بمدينة الري وخزف جبري الذي كان ينتسب إلى همدان

وفاقت شهرة قاشان غيرها من البلدان في القرن السابع الهجري ( الثالث عشر الميلادي ) وبخاصة في الخزف ذي البريق المعدني وفي قراميدها التي أصبحت تنسب إليها جميع أنواع القراميد المطلية وتعرف باسم القاشاني وقد أنتجت مصانع المدينة لوحات صغيرة مربعة أو نجمية الشكل رائعة في رسومها وألوانها وبريقها واستخدمت في كسوة الجدران وبخاصة المحاريب التي تبقت منها أمثلة فخمة في مسجد الإمام الرضا بمدينة مشهد وفي مسجد إمام زاده يحيى في فرامين وجميعها من أوائل القرن السابع وتمتاز هذه اللوحات بزهاء ألوانها الخضراء والصفراء ودقة زخارفها النباتية ولكن أنتجت لوحات أخرى رسمت عليها أشكال الطيور والحيوان وقصص بهرام جور وحبيبته آزاده وقد ظهرت الرسوم فيها بارزة مجسمة كأنها نحت رقيق ملون على الحجارة .ومن أنواع الخزف السلجوقي نوع من البريق المعدني ينسب إلى مدينة الرقة على ضفاف الفرات وتمتاز ألوان البريق فيه بدكنتها بنية اللون أو سوداء تحت طلاء شفاف أخضر أو أزرق واشتهرت زهريات الرقة وأباريقها وسلطانياتها في القرنين السادس والسابع الهجري – الثاني والثالث عشر الميلادي –

واستمر الخزف الإيراني متبعا تقاليده في العصر المغولي ولكنه في العصر الصفوي في القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلادي يزدهر ازدهارا كبيرا من جديد وقد حاول الإيرانيون في ذلك العصر تقليد صناعة الخزف الصيني المعرف بالبورسلين – الغضار الصيني- ونجحوا في ذلك إلى حد مضاهاة ذلك الخزف تماما وإلى جانب ذلك استمر الإيرانيون في صناعة الخزف ذي البريق المعدني وبرعوا في رسم الطبيعة والموضوعات التعبيرية على لوحات بألوان ذهبية أو بينة أو حمراء على أرضية بيضاء أو صفراء أو زرقاء وكانت هذه اللوحات البديعة تكسو الجدران مثل تلك التي كانت يحويها قصر جهل ستون في اصفهان والتي كانت تصور مناظر الحفلات .

[/frame]



[frame="7 80"][align=center]النسيـــــــج[/align]

كانت المنسوجات في أوائل العصر الإسلامي تصنع وفقا للأساليب والطرز التي كانت متبعة في صناعة النسج عند القبط والساسانيين غير أن أسلوبا إسلاميا أصيلا خالصا أخذ ينمو تدريجا ويتطور ويسود جميع البلاد الإسلامية وبدأت مراكز تلك الصناعة تمتاز بدور الطراز كما أخذت المنسوجات الإسلامية تمتاز عن غيرها بالطراز وهو ذلك الشريط الزخرفي أو الكتابي المنسوج أو المطرز الذي يمتد على أطراف القطعة المنسوجة والذي كثيرا ما كان يسجل عليه أسماء الخلفاء .
وكانت دور الطراز بمصر أكثر الدور شهرة وبخاصة في تنيس والإسكندرية والفسطاط حيث كانت تصنع المنسوجات الكتانية والحريرية ذات الأنواع الفاخرة مثل القصب والبدنة والبوقلمون والدبيق التي امتاز بعضها بالرقة والبعض الآخر بتموج الألوان ومنها الموشاة بخيوط الذهب والفضة .
وقد صنعت المنسوجات في هذه الدور المصرية خصيصا للخلفاء وتحتفظ المتاحف العالمية بقطع من المنسوجات الكتانية المطرزة بالحرير المختلف الألوان سجلت عليها أسماء الخلفاء مثل هارون الرشيد والامين والمعتضد والمقتدر بالله وغيرهم نسجت بالخط الكوفي المورق وأخذت مثل هذه المنسوجات تزداد رقة وإتقان صنعة في العصر الفاطمي وقد سجلت هذه عليها كذلك أسماء الخلفاء الفاطميين مثل العزيز بالله والحاكم بأمر الله والظاهر لإعزاز دين الله والمستنصر بالله والحافظ لدين الله وغيرهم .
وكانت هذه المنسوجات تحلى بالإضافة إلى الطراز والخط الكوفي أو عوضا عنها بزخارف هندسية وتفريغات نباتية أو رسوم الطيور والحيوان منسوجة أو مطرزة بألوان مختلفة منها الأحمر والأصفر والأخضر والأزرق والأبيض المزدانة أحيانا بخيوط الذهب والفضة وكانت تصنع كذلك بالمصانع المصرية منسوجات من الحرير وأخرى من الصوف .
كما كان من هذه المنسوجات نوع آخر استبدلت بزخارفه المنسوجة والمطرزة زخارف مرسومة أو مطبوعة بالمداد المذهب وغير المذهب وكانت تستخدم أختام خاصة لطبع الزخارف يختص كل ختم بلون بذاته أو بشكل من الأشكال وبالرغم من هذه المنسوجات كانت ارخص ثمنا من الأقمشة المنسوجة أو المطرزة زخارفها فإنها لم تكن تقل عنها رقة ودقة وخفة واستمرت دور الطراز بمصر تصنع هذه المنسوجات المختلفة الأنواع في القرون التالية ولكانها اتخذت مظهرا أقل زخرفا ولا شك أن ذلك كان يرجع لوفرة إنتاجها ومع ذلك تختلف من عصر المماليك قطع من منسوجات حريرية مطرزة وموشاة بالذهب سجلت عليها أسماء السلاطين والأمراء .
وقد سايرت العراق النهضة في صناعة النسج وكانت تصنع ببغداد والموصل منسوجات حريرية موشاة بالذهب محلاة برسوم الطيور والحيوان مزينة بالكتابة الكوفية واستمرت هذه الصناعة مزدهرة في العصر العباسي وحتى نهاية العصر السلجوقي .
ولم تقتصر صناعة النسيج على مصر والعراق فقد كان لها في إيران شأن كبير وأنشئت دور للطراز وفي مرو ونيسابور وسمرقند وغيرها وأنتجت أقمشة كتانية وحريرية نسجت عليها الزخارف الكتابية وأشكال الطيور والطواويس والحيوان وازدهرت صناعة المنسوجات الإيرانية في العصر السلجوقي وبخاصة في مدينة الري وأخذت الزخارف تتخذ الطابع الإسلامي الأصيل ولا سيما في لتعبيرات النباتية وأشكال التوريق والنخيل وذلك بالإضافة إلى رسم الطيور والحيوان واشتقاقا من الأساليب التي كانت متبعة في منسوجات البلدان الإسلامية الأخرى .
وكان العصر الصفوي فيما بين القرن السادس والثامن عشر هو العصر الذهبي لصناعة النسج في إيران وبخاصة المنسوجات الحريرية الموشاة وغير الموشاة وهي التي امتازت زخارفها بمناظرها الطبيعية وموضوعاتها القصصية المشتقة من الشاهنامة أو من أشعار نظامي .
وامتازت ألوانها بتعددها وزهائها وامتازت صناعتها بالدقة والإتقان ولقيت المنسوجات الحريرية المخملة رواجا كبيرا في ذلك العصر وهي المنسوجة زخارفها بالقطيفة البارزة .


[/frame]



[frame="7 80"][align=center]السجـــــــاد[/align]

كان العصر الصفوي كذلك عصر ازدهار السجاد وهي صناعة كانت معروفة في جميع البلاد الإسلامية منذ القرن الأول الهجري السابع الميلادي وقد عثر على قطع عتيقة منها سجل على واحدة منها تاريخها في سنة 102 هـ - 720 م والمعروف أن صناعة السجاد كانت متقدمة بمصر في العصر الفاطمي وكان فيها نوع فاخر يسمى القلمون ولكن إيران اشتهرت اكثر من غيرها بهذه الصناعة وكانت تبريز وقاشان وهمذان وهراة واصفهان أهم المراكز فيها وكانت معظم أنواع السجاد تعقد من الحرير ويعقد البعض من الصوف ومنها أنواع منسوجة من الحرير وأخرى اندمجت فيها أو طرزت بها خيوط الذهب والفضة واشتهرت هذه الأنواع بجودته وقدتها وتميزت باختلاف زخارفها ومنها نوع تتوسط السجادة فيه جامة كبرى ويحتل كل ركن من أركانها ربع جامة ويحيط بها إطار عرض وتنتثر عليها الأزهار بين تفريغات نباتية تجري حولها رسوم الحيوانات ومناظر الصيد وقد تنسج عليها آيات قرآنية ويحتفظ متحف فيينا بسجادة رائعة من هذا النوع يرجع تاريخها إلى منتصف القرن السادس عشر صنعت من الحرير المختلط بخيوط الذهب المتنوع الألوان من أزرق واخضر وبرتقالي وأصفر رسمت فيها على أرضية وردية حمراء أشكال الفرسان ومناظر الصيد في غمرة من الأشجار والأزهار والنباتات

وكانت شهرة السجاد الإيراني ذائعة في دول أوروبا منذ العصور الوسطى وكان جدران قاعات الاستقبال في قصور الملوك والأمراء تكسي بالأنواع الفاخرة منه وقد بلغت هذه الشهرة حدا جعل بعض ملوك بولندا في القرن السابع عشر يوصون بعمل سجاد إيران من الحرير الموشى بخيوط الذهب صنعت خصيصا لهم ورسمت عليها رنوكهم وشعاراتهم البولندية حتى أطلق على هذا النوع من لسجاد صفة البولندي

ومن السجاد الإيراني في العصر الصفوي نوع يمتاز برسوم الزهريات المتنوعة الأشكال والألوان ونوع آخر فاخر وهو الذي سمى خطأ بالسجاد البولندي واشتهر بألوانه الهادئة وبخيوطه الفضية والمذهبة وبرسومه الطبيعية المزهرة المشجرة ومن السجاد كذلك نوع يمتاز بأشكال الحدائق الغناء وبرسومه الطبيعية المزهرة المشجرة ومن السجاد كذلك نوع يمتاز بأشكال الحدائق الغناء فيها الجداول والنافورات وتتخللها الطيور والحيوانات .

وازدهرت صناعة السجاد كذلك في بلاد تركيا والأناضول منذ القرن السادس عشر واشتهرت فيما اشتهر به بسجاجيد الصلاة المزدانة بأشكال الأزهار والنباتات الزاهية الألوان كما اشتهرت بنوع من السجاد تقوم زخارفه على تربيعات هندسية تنتشر فيها وحولها أنواع من الزخارف النباتية وراجت في الأناضول أنواع من السجاد تمتاز بأشكال مناطقها النجمية وجاماتها الصغيرة التي تحشد حوله الزخارف الزهرية والنباتية وتمتاز سجاجيد الصلاة بأشكال المحاريب التي تتوسطها أو تحد الزخارف التي تغمرها الوريدات والأزهار .

وقد تأثر صناعة السجاد في بلاد المغرب في العصور الحديثة بالنماذج الأناضولية التركية وكانت هذه الصناعة رائجة من قبل متأثرة بالنماذج الأندلسية التي كادت تختفي مزدهرة في الأندلس وفي بلاد المغرب منذ القرن السادس الهجري – الثاني عشر الميلادي – بل من قبل ذلك التاريخ .


[/frame]